الاثنين، 16 أغسطس 2010

أمراض القلب بالوراثة ايضاً



الأبحاث تظهر أن احتمال الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية يظهر ايضا بجيل مبكر. في رمبام افتتحوا عيادة ستمكّن الأطفال في خطر من مواصلة الحياة بصحة تامة
مرض القلب الناتج عن تصلب الشرايين هو عمليا أحد أمراض القلب الأكثر انتشارا بين جمهور البالغين في العالم الغربي، حوالي 8% من مجمل السكان يعانون منه وهو السبب الرئيسي تقريبا لربع حالات الموت في العالم الغربي. في السنوات الأخيرة تطوّرت وتأسست النظرية أنه يجب معالجة مسببات الخطر التي تؤدي لأمراض القلب والأوعية الدموية بجيل مبكر.

بحسب الاحصائيات يظهر أن الأولاد الذين عانى أحد والديهم من أمراض قلب بجيل مبكر (قبل سن الـ55 عاما) معرضين للخطر بنسبة تزيد بمرتين حتى أربع مرات للاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عن أولاد عاديين بجيل البلوغ. هناك أمراض أخرى مثل تصلب الشرايين، السمنة الزائدة، مرض السكري، تراكم الدهن الكبدي، ارتفاع نسبة الدهون في الدم، وارتفاع في ضغط الدم، والتي تشكل خطرا جسيما على الأطفال لتطوّر أمراض قلب وأوعية دموية مستقبلية.

وقد أثبتت دراسات وأبحاث مختلفة أجريت في العالم، أن التدخل المبكر هو أمر مطلوب وضروري من شأنه أن يؤدي الى الشفاء الكامل أو أن يقلص خطر الاصابة بالمرض بشكل ملحوظ. في مستشفى مايير للأطفال في المركز الطبي رمبام افتتحت مؤخرا عيادة هي الأولى من نوعها في شمال البلاد، التي تعمل على تشخيص وعلاج أطفال (بجيل 5-18 عاما) الموجودين بخطر، وذلك بهدف منع وردع تطوّر أمراض قلب وأوعية دموية بمراحل متقدمة أكثر.

من جهته يقول البروفيسور نعيم شحادة، مدير قسم الأطفال أ الذي يشرف على عمل العيادة: "مرات كثيرة تظهر أمراض القلب والأوعية الدموية بعد أن يكون قد فات الأوان لمنعها". ويضيف شحادة: "مثل مراكز طبية ريادية في العالم، اخترنا أن نهجا جديدا هو التشخيص المبكر قدر الامكان، بهدف منح هؤلاء الأطفال الفرصة ليواصلوا حياتهم بصحة كاملة. هذا المشروع يتعامل مع أطفال بصحة كاملة والذين يحدق عليهم خطر الاصابة بالمرض لأن أحد والديهم أصيب بأمراض القلب مثل تصلب الشرايين. ليس من الحكمة معالجتهم بعد أن أصيبوا بالمرض، هدفنا هو أن نردع ونمنع الاصابة بالمرض منذ البداية".

"بين 30-40% من مجمل البالغين المصابين بأمراض قلب، طوّروا هذه الأمراض بجيل مبكر، وأولادهم هم الذين يتواجدون اليوم بحالة من الخطر لتطوير أمراض قلب عند البلوغ"، يقول الدكتور جال نويمان، طبيب في قسم الأطفال أ ومركّز عمل العيادة. ويضيف: "يجب أن نذكر أن الغالبية المطلقة من هذه العائلات لديها أكثر من ولد واحد، ولذلك فان الحديث يدور عن شريحة واسعة من الجمهور. وقد أظهرت الأبحاث أنه قرابة 20% من صغار السن السالمين، بدأوا بتطوير عملية تصلب شرايين في الشرايين التاجية للقب دون أن يكونوا على علم بذلك. السمنة لدى الأطفال هي وباء عالمي، اذ بين 10-15% من الأطفال مصابين بالسمنة وبحالات مرضية أخرى كارتفاع نسبة الدهون والسكري وضغط الدم. مشروع من هذا النوع، الذي نتعامل به اليوم بامكانه أن يؤدي الى تغيير جذري في الاحصائيات المستقبلية لأمراض القلب".

ويضيف بروفيسور شحادة: "لتشخيص عوامل الخطر ومعالجتها، يجب أن نرفع نسبة الوعي لهذا الموضوع لدى ثلاثة عوامل مركزية. أولا، الأهل الذين تم تشخيصهم كمرضى بأمراض قلب وأوعية دموية بجيل باكر، عليهم أن يهتموا بأن يتم فحص أولادهم، اذ توجد ميول جينية لأمراض من هذا النوع. ثانيا، أقسام مختلفة في المستشفى، مثل قسم أمراض القلب وجراحة القلب، يجب أن يتم توجيه أولاد الأهل المصابين بأمراض القلب، والذين يصلون لهذه الأقسام لاجراء فحوصات طبية مختلفة، ونحن من جهتنا نتعاون مع هذه الأقسام بشكل مكثف. والأهم من كل شيء هو دور طبيب العائلة الذي يعرف أبناء العائلة ويعرف حالتهم الطبية بشكل جيد".
ويشدد دكتور نويمان أنه "قبل بداية المشروع، كان أولاد في حالة خطر "يضيعون"، في أعقاب قلة الوعي، وكنا نلتقي هؤلاء الأطفال عند بلوغهم، بعد أن أصبحوا مرضى قلب. مع زيادة الوعي بالامكان منع ظهور وتطوّر أمراض القلب هذه لدى هؤلاء الأولاد بسهولة أكبر".

بعد توجيه الأولاد، يتم فحصهم، وبناء على نتائج فحص الدم، يمنح لهم العلاج المناسب بحسب خطة التي تبنى بشكل ملائم لهم شخصيا. ضمن العيادة الجديدة، يتم حاليا علاج أكثر من 100 ولد، الذين يحظون بفحوصات شاملة، التي تشمل: فحوصات دم ومستوى الكولسترول، قياس الوزن، الطول، ضغط الدم، محيط الخصرين، وفحوصات فوق صوتية (أولتراساوند) للشرايين العنقية (بهدف تشخيص توسع مبكر لأطراف الأوعية الدموية). برنامج العلاج يشمل استشارة أخصائي تغذية، استشارة بخصوص التمارين الرياضية، منح علاج دوائي لتخفيف الكولسترول بحسب الحاجة، استشارة عائلية وزيارات متكررة لمتابعة الوضع الصحي. العيادة تتعاون مع طاقم متعدد المجالات المتخصص بمجالات مختلفة في طب الأطفال، مثل: طبيب مختص في الغدد الصماء للأطفال، طبيب مختص بالجهاز الهضمي لدى الأطفال، طبيب مختص بالنظام الغذائي المختص بغذاء الأطفال، طبيب مختص أمراض الكلى والجهاز البولي، طبيب مختص بأمراض قلب لدى الأطفال وغيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق