الاثنين، 16 أغسطس 2010

"هي فوضى" افضل فيلم ليوسف شاهين

يوسف شاهين يعود في فوضاه إلى السبعينات حين حملت افلامه حسا سياسيا يجسد هموم المواطن ويبحث في قضاياه المصيرية



اكد المخرج المصري يوسف شاهين في المؤتمر الصحفي الذي اعقب عرض فيلمه "هي فوضى" الجمعة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي الرابع والستِّين ان فيلمه "شاهيني" مائة بالمائة وانه لا يبتعد ابدا عن السياسة في افلامه.

وقال شاهين في الندوة الصحفية التي اعقبت عرض الفيلم الذي خرج بتوقيع المخرج خالد يوسف الى جانب اسم شاهين ان "الفيلم شاهيني مئة بالمائة وان تابع خالد يوسف العمل بمفرده لانهاء الجزء الاخير من الشريط بسبب مرضي لكن لا يمكن رؤية الفرق".

واضاف شاهين "خالد يوسف هو احد اوفى تلاميذي واكثرهم صدقا ونحن نعمل سويا منذ اكثر من 17 عاما وقد اراد العمل باسلوبي واعتقد انه نجح".

اما خالد يوسف الذي عمل كمساعد مخرج في عدد من افلام شاهين فقال "تعمدت الاقتراب من اسلوب شاهين كي يكون للفيلم قوام واحد واسلوب هارموني. افهم ما يريده شاهين واعرف سينماه جيدا ونحن لا نحتاج لان نتناقش حتى لمعرفة ما يريد".

وتابع خالد يوسف الذي شارك انجاز الفيلم اخراجا ورؤية ان "الفيلم يحمل ملامح سينما شاهين وتاريخ سينما شاهين. وقد تعمدت التوراي لابرز هذه الملامح وتقمص اسلوبه".

ويعتبر "هي فوضى" واحدا من افضل الافلام التي انجزها شاهين في السنوات الاخيرة عن سيناريو ناصر عبد الرحمن احد رواد جيل كتاب السيناريو الجديد في مصر.

ويعود فيلم "هي فوضى" الى اسلوب سينما شاهين في السبعينات حين حملت افلامه حسا سياسيا يجسد هموم المواطن ويبحث في قضاياه المصيرية لتذكر نهايته بشكل مباشر باجواء فيلم "العصفور" الذي تناول فيه مخرج "حدوتة مصرية" هزيمة مصر عام 67 وما اعقبها.

واذا كان الشعب تتقدمه النساء خرج في "العصفور" في تظاهرة رافضة للاستسلام لتصرخ بطلته "حنحارب" ويرددها الجميع وراءها فان النساء هنا خرجن في تظاهرة جديدة في حي شبرا القاهري لخوض حرب من نوع اخرى: الحرب على الفساد المستشري في دوائر السلطة في مصر.

وفي العمل الجديد تتقدم هالة فاخر وهالة صدقي التظاهرة الرافضة للظلم والطغيان وانتشار الفوضى، "النساء اقل قدرة على تحمل الظلم واكثر قدرة على الثورة عليه" يقول شاهين في المؤتمر الصحفي الذي اعقب عرض الفيلم.

وتؤدي كل من صفاء ابو السعود وهالة صدقي في الفيلم دور الام الشجاعة التي تربي وتعلم وتدفع بابنائها الى الامام بينما يتمثل الفساد في شخص ضابط الشرطة "حاتم" الذي يغطي مرؤوسوه الفاسدون مثله على تصرفاته وجرائمه الى ان يستبيح نور صبية الحي الجميلة العاشقة.

وتؤدي النجمة المصرية الشابة منة شلبي دور نور المدرسة الصادقة المتزنة المتطلعة الى مستقبل افضل بينما يؤدي خالد صالح ببراعة دور "حاتم" الطامع في كل شيء الى درجة الاغتصاب والقتل.

وكان هذا الممثل المصري ادى الكثير من الادوار الثانوية خلال مسيرته الفنية لكنه قفز الى الصف الاول في السنوات الثلاث الاخيرة لتتكلل هذه المسيرة ببطولة "هي فوضى" حيث يحمل عبء الفيلم على كتفيه.

يصور الفيلم كيفية انسحاق الطبقة العاملة المجتهدة المكونة من كادرات صغيرة في المجتمع المصري وخضوع هذه الفئة التي لا تزال تحافظ على عزة نفسها وكرامتها وتؤمن بمستقبل افضل.

هذه الفئة هي التي تدفع ثمن ذلك الفساد من مالها وفكرها وروحها وجسدها مثل نور (منة شلبي) التي يغتصبها حاتم في الفيلم والتي تجسد نموذجا لهذا الانحراف الذي وصلت اليه السلطة وما تمارسه بحق الشعب الذي يسجن ويعذب ويقهر ويغتصب.

انها سينما الاحتجاج والغضب التي ظهرت في افلام سابقة لشاهين وهو اليوم يعود اليها في عمل يعود لالتقاط نبض الشارع ويتحدث عن راهن مصر بعد مرحلة اهتم فيها المخرج بقصص ذاتية وضع السيناريو لها بمفرده.

ولا يخلو شريط "هي فوضى" من تلك المفردات التي شكلت اساسا ثابتا لسينما شاهين والتي تتمثل في الاغنية والرقصة وأيضا التظاهرة التي تمنح فيها الكلمة عادة للشعب والمراة التي تثور.

غير ان الشريط ينطوي على قدر من المبالغة في المعالجة وفي تصوير هذا الجانب الاسود الطاغي على كل شيء وكأن كل المنافذ قد اغلقت في وجه الشباب المصري اليوم كما يظهر الفيلم.

كما يشكو "هي فوضى" من بعض الاطالة خصوصا في مشاهد النهاية الزائدة التي جاءت اخراجيا اقل من مستوى الفيلم.

ويقول شاهين انه يريد من خلال عمله ان يتكلم عن القمع والفوضى والفساد في الشرق الاوسط وليس فقط في مصر.

وحضر المؤتمر الصحفي الى جانب شاهين المخرج خالد يوسف والممثلون خالد صالح وهالة صدقي وصفاء ابو السعود اضافة الى المنتجين غابي وماريان خوري ويوسف الشريف.

وفي ختام المؤتمر لم ينس شاهين ان يحيي نساء ايطاليا الجميلات اللواتي يشبهن الممثلة آنا مانياني كما حيا ذكرى كبار مخرجي الخمسينات وبينهم روسليني الذي قال انه علمه كيف يطبخ المكرونة بالزعتر حين زاره في بيته في مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق